الهجوم الإسرائيلي على غزة يصيب البيت الأبيض بالإحباط

الهجوم الإسرائيلي على غزة يصيب البيت الأبيض بالإحباط
الهجوم الإسرائيلي على غزة يصيب البيت الأبيض بالإحباط

مع تصاعد وتيرة الاجتياح الإسرائيلي لغزة، أشارت تقارير إعلامية أميركية وإسرائيلية إلى “وجود توتر بين الإدارة الأميركية وإسرائيل حول إستراتيجية الحرب وآليتها وحجم الخسائر البشرية المتوقعة”.

وذكرت صحيفة “واشنطن بوست” في تقرير حمل عنوان “البيت الأبيض محبط بهجوم إسرائيل لكنه يرى خيارات قليلة”، أن “البيت الأبيض يشعر بالإحباط من الهجوم الإسرائيلي لكنه لا يرى سوى خيارات محدودة”.

وأوضحت الصحيفة في تقرير، أمس الأحد، أن “دعوات الولايات المتحدة لوقف مؤقت للقصف ليس لها تأثير يذكر، كما أن شكل الشرق الأوسط ما بعد الحرب غير مؤكد بشكل كبير”.

ووصل الأمر، بحسب الصحيفة، إلى أن “إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، تجد نفسها حالياً في وضع محفوف بالمخاطر بسبب استمرار هذه الحرب”.

ووفقاً للصحيفة، يقول مسؤولو الإدارة إن “الهجوم الإسرائيلي المضاد ضد حركة حماس كان شديدًا ومكلفًا للغاية في ما يتعلق بسقوط ضحايا من المدنيين، كما أنه يفتقر إلى نهاية ورؤية متماسكة، لكنهم غير قادرين على ممارسة تأثير كبير على أقرب حلفاء أميركا في الشرق الأوسط لتغيير مسارها”.

والتوتر بين الإدارة الأميركية وإسرائيل ظهر مؤخراً، كما ذكرت الصحيفة، بسبب فشل  الجهود الأميركية لإقناع إسرائيل بتقليص هجومها المضاد ردًا على الهجوم الذي نفذته حماس في 7 تشرين الأول الماضي والذي خلف ما لا يقل عن 1400 قتيل، بحسب السلطات الإسرائيلية.

وأوضحت الصحيفة أن “إدارة بايدن حثت إسرائيل على عدم الغزو البري لغزة، وطلبت منها بشكل خاص مراعاة التناسب في هجماتها، ودعت إلى إعطاء أولوية أعلى لتجنب مقتل المدنيين، ودعت إلى هدنة إنسانية، لكن المسؤولين الإسرائيليين يرفضون جميع هذه الدعوات”.

والتصميم الإسرائيلي على مواصلة اجتياح غزة، دفع إدارة بايدن، كما أشارت الصحيفة، إلى أن تسعى بشكل عاجل إلى تهدئة الغضب في العالم العربي من خلال التوضيح، علنًا وسرًا، أن الولايات المتحدة تشعر بحزن عميق بسبب المعاناة في غزة.

لكن الصحيفة ترى أنه “ليس هناك ما يشير إلى أن القادة العرب تأثروا بهذه الضمانات، الأمر الذي يجعل شكل الشرق الأوسط بعد الحرب، ودور الولايات المتحدة فيها، غير مؤكد إلى حد كبير”.

وقال الزميل في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، دانييل بايمان، لموقع “الحرة” إنه “في حين أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني مستمر منذ عقود، فإن الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس في 7 تشرين الاول والانتقام الإسرائيلي اللاحق قد أشعل موجة من ردود الفعل الاستقطابية والشخصية العميقة في جميع أنحاء العالم، ما خلق تحديات جديدة لإدارة بايدن وحكومة إسرائيل”.

أضاف أن “التوتر بدأ يزيد بين الإدارة الأميركية وإسرائيل بالتزامن مع زيادة مخاطر التصادم بين هدفين حاسمين لواشنطن وهما القضاء على حماس وتجنب نشوب حرب إقليمية”.

ويرى بايمان أن “مخاوف الإدارة الأميركية لها ما يبررها، خاصة أن الحزب هدد بالفعل بالانضمام إلى المعركة وكثف هجماته على إسرائيل من لبنان، كما تتزايد الاضطرابات في الضفة الغربية، وأطلق الحوثيون في اليمن صواريخ على إسرائيل، وعانت القواعد الأميركية في الشرق الأوسط من هجمات من وكلاء إيران”.

وأوضح بايمان في تحليله أن “تصاعد الأحداث في المنطقة بسبب حرب غزة وصل لدرجة دفعت الولايات المتحدة إلى ضرب مواقع مرتبطة بإيران في سوريا”.

قال المحلل الأميركي إنه “إذا وقعت حرب أوسع يشارك فيها الحزب وغيره من الجماعات المدعومة من إيران سيُشكل الأمر تهديدًا خطيرًا لإسرائيل، وسيضر العديد من المصالح الأميركية”.

وأكد أنه “بينما حافظت واشنطن وإسرائيل على درجة من الانفصال عندما يتعلق الأمر بتعقيدات الخطط العملياتية، كانت الولايات المتحدة تضغط بهدوء من أجل اتباع نهج تدريجي أكثر لاستئصال حماس بدلاً من شن غزو بري واسع النطاق وهو ما وعد به المسؤولون الإسرائيليون أكثر من مرة في أعقاب هجوم حماس مباشرة، خوفاً من أن تؤدي مثل هذه العمليات واسعة النطاق إلى عدد هائل من الضحايا المدنيين”.

لكن “واشنطن بوست” ذكرت أن إدارة بايدن حققت نجاحات متواضعة في مناقشاتها الخاصة مع إسرائيل، وفقًا لمسؤول كبير في الإدارة طلب عدم الكشف عن هويته، وكان من بينها إقناع إسرائيل بإعادة الاتصالات في غزة، في أكتوبر الماضي، وإعادة فتح صنابير المياه وإقناعها بالسماح لعدد صغير من الشاحنات التي تحمل المساعدات الإنسانية بالدخول عبر معبر رفح الحدودي في غزة مع مصر.

وعندما تحدث الرئيس بايدن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بينيامين نتانياهو، الأسبوع الماضي، تمكن هو وكبار مساعديه من الحصول على التزام بتحديد هدف السماح بمرور 100 شاحنة يوميًا عبر معبر رفح، وهو ما يقول المسؤولون الأميركيون إنه يتم تحقيقه الآن، بحسب الصحيفة.

ومع ذلك، ترى الصحيفة أن “هذه النجاحات طغى عليها الفشل الذريع للولايات المتحدة في التأثير على مسار الحملة العسكرية الإسرائيلية. كما أصيب كبار مساعدي بايدن بالإحباط بسبب عدم وجود إجابات واضحة من المسؤولين الإسرائيليين حول أهداف العملية وما يتوقعون أن يبدو عليه المستقبل في غزة إذا تمكنوا من النجاح في هدفهم المتمثل في تدمير حماس”.

قال الزميل في مركز سياسة الشرق الأوسط في معهد بروكينغز، جيفري فيلتمان، لموقع “الحرة” إن “إعلان نتانياهو، السبت، أن الحرب على حماس دخلت مرحلة جديدة، بما في ذلك الهجمات الجوية المتزايدة والعمليات البرية الأوسع نطاقا والمتواصلة لكن ليس التوغل الشامل، يعتبر مؤشراً على أن إسرائيل بدأت تأخذ جزئيا بنصيحة واشنطن”.

ويرى فيلتمان أن “هذه محاولة محتملة للضغط على حركة حماس مع السماح بمواصلة المفاوضات بشأن أكثر من 200 رهينة تحتجزهم حماس”.

لكن المحلل السياسي أشار إلى أن “مخاوف الإدارة الأميركية الحالية بشأن خطة إسرائيل لا تزال موجودة بسبب استمرار الانقسامات الحادة بين الولايات المتحدة وشركائها العرب بشأن ردهم على الحرب الإسرائيلية ضد حماس، وهو ما ظهر بعد أن التقى وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، مع نظرائه في الشرق الأوسط في عمان بالأردن، السبت”.

وذكرت شبكة “سي أن أن” أن “بلينكن حضر القمة التي دعا إليها وزير الخارجية الأردني وحضرها كبار الدبلوماسيين من مصر وقطر والإمارات والسعودية، بالإضافة إلى الأمين العام لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وفي القمة، دعا الزعماء العرب إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، في حين كرر بلينكن معارضة الولايات المتحدة، بحجة أن ذلك سيمنح حماس الوقت لإعادة تجميع صفوفها وشن هجوم آخر على إسرائيل”.

ودعا بلينكن إسرائيل مرة أخرى إلى “اتخاذ كل الإجراءات الممكنة لمنع سقوط ضحايا من المدنيين، وهي الرسالة التي نقلها في اجتماعات في تل أبيب، الجمع.، بحسب الشبكة”.

وأوضحت الشبكة أن “وزير الخارجية دعا أكثر من مرة إلى هدنة إنسانية لتسهيل إدخال الوقود إلى القطاع وإخراج المدنيين. وحث بلينكن المسؤولين الإسرائيليين على إقامة مثل هذه الوقفات المؤقتة خلال لقائه مع نتانياهو ومجلس الوزراء الحربي، الجمعة، لكن بعد ساعات رفض نتنياهو الفكرة علنًا، قائلاً إنه لن يسمح بوقف إطلاق النار حتى يتم إطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس”.

ومع ذلك، سعى بلينكن، عقب اجتماعاته في عمان، إلى التأكيد على “النقاط ذات الاهتمام المشترك بين الولايات المتحدة وشركائها الإقليميين، وفقا لـ”سي أن أن”.

وقال فيلتمان إن “الحكومة الإسرائيلية لن تعترف بذلك علناً، لكن أهداف حربها ضد حماس قد تغيرت، وبدأت تدرك أن تصعيد الحرب سيؤدى إلى نتائج سلبية، سواء في غزة أو في المنطقة العربية، وسيصبح من الصعب السيطرة عليها فيما بعد”.

وأضاف أنه “بدلاً من التوغل البري واسع النطاق، ستسعى إسرائيل في المرحلة الثانية إلى تطويق حماس واستنزافها حتى يصبح التهديد الذي تشكله على المراكز السكانية الإسرائيلية ضئيلاً أو يمكن التحكم فيه”.

وتابع: “ومع ذلك، فإن إسرائيل تخشى أن اتباعها نهجا بطيئا من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من بؤر التوتر بمرور الوقت، ما قد يؤدي إلى رد فعل عنيف مرة أخرى من قبل حماس وهو ما قد يعرض مكانة إسرائيل في المنطقة وأمنها المستقبلي للخطر”.

لكن فيلتمان يرى أن “الولايات المتحدة تريد بوضوح حاليا تخفيف الأضرار البشرية والخسائر التي تلحق بالمدنيين في غزة حتى يهدأ الرأي العام العربي والعالمي، وهو ما يتوقع أن تفعله إسرائيل في الفترة المقبلة، ووقتها سيتحدد ما إذا كان هناك تهديد آخر للولايات المتحدة وإسرائيل قد يظهر سواء من قبل حماس أو غيرها في المنطقة”.

شدد المحلل السياسي على أن “المنطق الاستراتيجي للإرهاب يخبرنا أن جماعات مثل حماس تحاول دفع الدولة الأقوى إلى التوسع في هجومها البري”، مضيفًا أن “الغزو البري الكامل أو الاحتلال قد يؤدي إلى مزيد من تحفيز المشاعر المعادية لإسرائيل وللولايات المتحدة في فلسطين وخارجها”

وأشار إلى أنه “حتى لو تم تدمير حماس بطريقة أو بأخرى، فإن هذا الشعور المعادي يضمن أن مجموعة أخرى ستأخذ مكانها”

ولذلك يرى أن “الإدارة الأميركية تدرك حاليا أن الطريق السهل هو استمرار إسرائيل في القصف العنيف والحصار والغزو البري ومواصلة دائرة العنف، أما الطريق الصعب فهو التفكير خارج الصندوق من أجل حل طويل الأمد للسلام”​.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى بايدن سيُرسل جنودًا إضافيين إلى الشرق الأوسط