كتبت رمال جوني في “نداء الوطن”:
لم يكن “أحد العودة” باتجاه قرى الحافة الأمامية، بالزخم المتوقع. فالحشود التي زحفت أمس نحو القرى التي ما زال يحتلها الجيش الإسرائيلي، كانت خجولة نسبياً، ما يشي بأن أبناء تلك القرى، يتريثون بالعودة، بانتظار تعليمات الجيش اللبناني. ويعيد بعضهم الأمر إلى أنهم لا يريدون سقوط شهداء من جديد، أسوة بالإسبوع الماضي.
من بوابة وادي الحجير وهو إحدى أكبر محميات الجنوب الطبيعية، تنطلق الرحلة باتجاه قرى الحافة الأمامية. ويسجل على طول الطريق الذي تنتشر فيه المقاهي والاستراحات السياحية حضور الجيش اللبناني، الذي أقام حواجز عند مداخل القرى التي دخلها. لكن المشهد يتبدل في وادي السلوقي. حيث لم تعد الطرقات صالحة للسير جراء تجريف آليات الإسرائيلي لها، واقتلاع عشرات الأشجار المعمرة، وتخريب شبكات الكهرباء والمياه.
يسلك العابرون بصعوبة الطريق نحو القرى. وتم قطع الطريق بالأسلاك المعدنية عند مدخل عيترون من ناحية وادي الحجير. في حين، ما زال الطريق نحو ميس الجبل مقطوعاً عند مدخل البلدة، حيث تمركزت آليات الجيش اللبناني وقوات الطوارئ الدولية.
لم يتمكن أبناء ميس الجبل الذين تجمهروا في الحقول من دخول البلدة. والسبب أن القرار لم يتخذ بعد. أضف إلى أن الجيش اللبناني منع الدخول أو التسلل نحو البلدة من أي طريق فرعي، لأن البلدة ما زال يحتلها الإسرائيلي.
على ما يبدو، فهم الأهالي أن لا دخول للبلدة قبل الثامن عشر من شباط الجاري، أي موعد انتهاء هدنة وقف إطلاق النار الممددة. غير أنهم يتخوفون من تمديد جديد، وبالتالي حرمانهم من الوصول إلى بلدتهم التي باتت مدمرة بنسبة 90 في المئة.
على مقربة من آليات الجيش اللبناني، جلس أحمد مع عدد من أبناء ميس الجبل، علهم يتمكنون من الدخول إلى البلدة قريباً. ويقول أحمد: “لا نية لأحد في الدخول من دون إذن الجيش، لا نرغب بمزيد من الشهداء. ننتظر قرار الجيش اللبناني لنسير خلفه”.
يسيّر الجيش دورياته على الطرق المسموح له بالوصول إليها داخل ميس الجبل. لكنه واصل منع الأهالي من التقدم. ويقول علي، أحد الشباب الذين حاولوا الدخول إلى البلدة أن الجيش اللبناني دفعه للعودة أدراجه “كي لا أتعرض للرصاص من الجنود الإسرائيليين الذين ما زالت آلياتهم تتوغل داخل ميس الجبل”.
تجمع الأهالي في الساحة. وافترش بعضهم الحقول. فيما جلس آخرون يدخنون النرجيلة ويرتشفون القهوة، بانتظار جلاء المشهد. لم يكن عدد الأشخاص كبيراً، أسوة بعدد أبناء البلدة. وأتى معظم من حضر من خارج البلدة لمؤازرة الأهالي.
بدوره قال مختار ميس الجبل عبد الحسين زراقط: “كان العدد خجولاً نسبياً. ويفترض أن يكون أكبر”.
أضاف: “جئنا لنؤكد عأمرين: أن أرض ميس الجبل ملك لنا ولن نتخلى عنها تحت أي ظرف من الظروف. وأننا نقف خلف الجيش اللبناني”.
وسجل عتبه على غياب النواب لمؤازرة الأهالي في تحركهم.
لم ينسحب مشهد الهدوء الذي رافق تحرك أبناء ميس الجبل، على جارتها حولا جارتها التي شهدت إطلاق نار ورمي قنابل حارقة باتجاه أبناء البلدة الذين تجمعوا عند المدخل الشمالي للبلدة، من دون تسجيل إصابات.لم يكتف الأهالي بالتجمع، بل وصلوا إلى الساتر الترابي عند مدخل حي المرج قرب إعدادية جبل عامل، من دون أن يتمكنوا من دخول البلدة.
كان المشهد في يارون الحدودية أكثر توتراً. وتعرض الأهالي للقنابل الحارقة والمتفجرة لتفريق جموعهم وهم ينتظرون دخول البلدة.
على ما يبدو ، أن لا نية للجيش الإسرائيلي بالانسحاب من البلدات التي بقي فيها حتى الآن. وفي المقابل، لا نية للجيش اللبناني بالسماح للأهالي بالدخول نحو بلداتهم تجنباً لتعرضهم للخطر. وبات من المؤكد أن الجميع ينتظرون 18 شباط الجاري ليبنى على المشهد مقتضاه.
من المؤكد أيضاً، هو سقوط خطة إقامة منطقة عازلة في قرى الحافة الأمامية التي دمرت بشكل كبير. ويعود الفضل إلى محاولات الأهالي تحرير أرضهم.